الاثنين، 21 ديسمبر 2015

تسريحات الشعر للصوماليين القدماء



كانت التسريحات الشعر جزءاً هاما من اللباس الصومالي قديماً في البادية حيث كانت هذه التسريحات تحدد الفئة العمرية أو الجنس أو الحالة الاجتماعية. حتى موعد الختان الذي يكون عادة في السادسة أو السابعة من العمر يتم حلق شعر الأطفال بتسريحات متعددة. أحد هذه التسريحات تدعى مقبض الله (Handle of Allah) و هي عبارة عن حلق شعر الطفل كاملاً مع ترك خصلة شعر واحدة في الجزء العلوي من الرأس، هذه التسريحة للأطفال الذين يعانون من المرض أو على وشك الوفاة حتى تقودهم الملائكة من هذه الخصلة إلى الجنة  حسب معتقد أهل البادية.


مع تقدم الفتيات في السن يسمح لهن بإطالة شعرهن حتى يصلن إلى سن البلوغ، و بعد البلوغ تستخدم تسريحة معروفة و مميزة للإشارة إلى أن الفتاة متاحة للزواج و تسمى الفتاة في هذه المرحلة ب "القشانتي". فتقوم بتسريحة الجدائل حيث تجدل شعرها الطويل إلى مئات من الجدائل الصغيرة من أعلى الرأس إلى القاعدة مع ترك هالة من الشعر الكث حول الرقبة. و بعد الزواج تمشط الجزء الكث حول الرقبة و تحوله إلى ظفيرتين في مؤخرة العنق ثم تغطي شعرها بوشاح رقيق مصنوع من القماش الأسود أو النيلي المصبوغ يسمى (شاش)، هذه العادة أيضا مشتركة مع نساء العفر و الساهو و الأورومو.

أما تسريحات الرجال فكانت أكثر تفصيلاً و تنوعاً رغم ملاحظة أحد المستكشفين الأوروبين بأن كبار السن من الرجال قد يحلقون رؤوسهم و يطلقون لحية صغيرة، خاصة إذا كان أحدهم محظوظاً و أدى فريضة الحج إلى مكة. و تشير صور القدماء أنهم كانوا يتركون شعر الرأس ينموا بطول يقارب شعر النساء و بعد الزواج يخفف الرجال من شعرهم الطويل، وقد اعتقد بعض المستكشفين الأوائل أن الرجال الصومالين يلبسون باروكة شعر. ففي عام 1830م كتب فريدرك فوربس (Frederick Forbes) في مذكراته:

" الباروكة مصنوعة من الشعر المستعار من جلد الغنم الأسود مع الصوف المصبوغ أو الحناء البني المحروق و يرتدونه بدقة متناهية تحاكي باروكة الشعر المستعار للمحامين"



وقد كان فريديرك يقارن شعر الرجال الصوماليين بالباروكة البيضاء التي كان يلبسها المحامون و القضاة البريطانيون في المحاكم. بينما ذكر مستكشف آخر في العام 1860م ملاحظاته كما يلي:

" يمشط الرجال شعرهم إلى جدائل صغيرة تظهر و كأنها اسفنج سميك. لا يلبسون رداء على الرأس و يعطون الكثير من الرعاية و الوقت لشعرهم الفاخرة و حتى لا يتشوش شعرهم ليلاً يسندون رؤوسهم على مخدة خشبية صنعت لهذا الغرض. كما يغيرون لون شعرهم من خلال استخدام الحناء. ولديهم عادة حلق شعر الرأس بالكامل و استبداله بباروكة كثة من شعر الغنم المستعار مصبوغة باللون الأحمر، و أؤلئك الذين قتلوا أعداء في المعركة يرتدون ريشة نعام على رؤوسهم."

فكما نلاحظ كان هؤلاء المستكشفين الأوربيين الأوائل في القرن التاسع عشر مستغربين من شعر الرجال الصوماليين و يعتقدون أنه باروكة مستعارة من شعر وجلد الحيوانات. بينما لاحظ المستكشف الأشهر ريتشارد بيرتون " Richard Burton" أن الفتيان أو الرجال في عمر المغازلة و الزواج يشكلون شعرهم بأشكال متعددة وذلك بتزيت الشعر بدهن حليب النوق ثم تشكيله بأشكال شبهها بيرتون بطاقية الأطفال (نوع من الطواقي التي كان يلبسها أطفال البريطانيين في القرون الوسطى) أو اسفنجة أو باروكة مستشار أو محامي.

 كما أن مظهر الشعر و لونه من الممكن التحكم به عن طريق الطين أو الصلصال أو الحناء أو الرماد. فربما كان رؤية الأوربيين بعض الرجال الصوماليين يغطون شعرهم بالطين أو الحناء ما أعطاهم الانطباع بأنهم يلبسون باروكة من الشعر المستعار. فاللون الأحمر للشعر ممكن بتبيض الشعر بالكلس الجيري ثم استخدام الحناء و هذا جيد من الناحية الصحية فهذا المزيج يقتل القمل.


للحفاظ على التسريحة كان الرجال يسندون رؤسهم ليلاً لمخدة خشبية تسمى بركن "barkin" و كانت تساعد على أن لا يلمس الشعر الأرض أو يتجعد. و أيضاً كانت تساعد الرجال على أن يكون نومهم خفيفاً ليكونوا متيقضين للأسود و قبائل البدو المنافسة، وكانت هذه المخدات الخشبية ذات طابع خاص و تزخرف بزخارف هندسية معقدة على امتداد الجوانب. هذا بالإضافة لتوفر المشط الخشبي المعروف بال "سقف" للحفاظ على أناقة الشعر و التسريحة المميزة.  

ختاماً كما رأينا فإن أجدادنا كانوا يهتمون بشعرهم يشكلونه حسب الحالة الاجتماعية ، فمن نظرة واحدة تستطيع أن تتعرف إلى من هو جاهز للزواج و من هو متزوج و من هو العائد من الحج و من هي الفتاة المتاحة و الغير متاحة و من من الأطفال يعاني من المرض. كانت لهم استايلاتهم الخاصة و المميزة و التي أعتقد الأوربيون للوهلة الأولى أنها باروكة مستعارة، و من يدري فربما أخذ الغربيون أحد هذه الاستايلات و سموها بالأفرو الذي انتشر في ستينيات و سبعينيات القرن الماضي و لو بحثنا فقد نجدهم استعاروا منا أنواع مختلفة من التسريحات و الموضة.  

:المصادر

The Politics of Dress in Somali Culture

Somalia: A country Study

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق