كان يا مكان في قديم الزمان
كان هناك شابان اخوان توفي والدهما و ترك لهما ميراثاً ليتقاسماه, الميراث كان عبارة عن: بقرة و منزل و بئر و نخلة مثمرة و بطانية كبير لاتقاء البرد في الليل. كان الأخ الأصغر يذهب لرعي البقرة كل يوم لكن لم يكن يُسمح له بشرب حليبها, و كان يغسل البطانية و لكنه لا يلتحفها في المساء. و كان يسكن مع أخيه الأكبر في المنزل و يشربان معاً من البئر , أما التمر فكان يبيعه الأخ الأكبر في السوق و لم يكن يعطي الأخ الأصغر أي نصيب من البيع.
و في يوم من الأيام حدث ما
يلي:
الأخ الأصغر ذهب كعادته لرعي البقرة و بينما هو يرعاها إذ رأى شيخاً
كبيراً معه قربتان مصنوعتان من جلد الغزال, إحداهما تحمل الماء و الأخرى الحليب.
فسلم على الشيخ و تبادلا أطراف الحديث ثم سأل الشيخ أن يسقيه. ناوله الشيخ القربة
التي تحمل الحليب فأخذ الشاب الصغير يشرب الحليب بنهم شديد أثار استغراب الشيخ الذي
قال له " ما كل هذا النهم ؟ ألست تملك هذه البقرة السمينة الممتلئة ضرعها
حليبا ً؟ ".
فأجابه الأخ الأصغر " أنا صائم عن الحليب و لا يشرب هذا الحليب
إلا أخي الأكبر" و أخبره بتفاصيل قصته مع أخيه الأكبر. رد عليه الشيخ فقال له
" هل تسمع مشورتي و نصيحتي؟ " فأجابه بالقبول و قال له هات ما عندك أيها
الشيخ. فقال له الشيخ " إذهب و أخبر شيوخ القبيلة بما فعله أخوك ليحكموا
بينكما ". و فعلا ذهب الاخ الصغير إلى شيوخ القبيلة و اخبرهم بقصته مع أخيه
الأكبر, فتم عقد اجتماع للفصل بينهما و بعد سماع قصتهما. قرر الشيوخ ما يلي:
البيت لن يقسم و يجب أن يعيشا فيه سويةً , كذلك البئر هو بين الأخوين و لن
يقسم. أما فيما يخص البقرة فسألوا الأخ الأصغر " هل تريد الجزء الأمامي أم
الخلفي؟" فأجاب " أريد الجزء الأمامي". ثم سألوه " البطانية
هل تريد أن تكون لك في الليل أم في النهار ؟" فأجاب " في النهار".
ثم سألوه " هل تريد الجزء العلوي للنخلة أم الجزء السفلي ؟ " فأجاب
" الجزء السفلي". استغرب الشيوخ من اختيارات الأخ الأصغر و ظنوا أنه خسر
كل شي بسوء اختياراته بينما كان الأخ الأكبر فرحا بنصيبه من القسمة.
و بعد فترة من الزمن صادف أن زَارَ الأخَ الأصغر في منزله ذلك الشيخ الذي
نصحه برفع أمر أخيه إلى شيوخ القبيلة و رءاه و هو يلتحف البطانية في النهار الحار
و هو يتصبب عرقاً. فسأله عن أحواله فأخبره بما كان من أمر حكم الشيوخ و الاختيارات
التي اختارها. فقال له الشيخ افعل الآتي " حينما تكون البطانية في حوزتك في
النهار ارمها في البئر ثم سلمها لأخيك في الليل". و بالفعل في اليوم التالي
حينما تسلم الأخ الأصغر البطانية رماها في البئر و في المساء أخرجها من البئر و
سلمها للأخ الأكبر.
شعر الأخ الأكبر بأن البطانية مبلولة فسأل أخاه " ما الذي بلَ
البطانية ؟ " فأجابه بأنه لا يعلم. و
في اليوم التالي راقبه الأخ الأكبر و شاهده و هو يرمي البطانية في البئر فقال له
" لا تفعل ذلك , لا ترمها في البئر ". فأجابه الأخ الأصغر " و ما
شأنك بالبطانية الآن لم يحن بعد وقتك لإمتلاكها انتظر حتى المساء". فقال له
الأخ الأكبر " أرجوك لا ترمي البطانية في البئر , البطانية لنا جميعا و
سنلتحفها سوية في الليل" و منذ ذلك اليوم لم يعد الأخ الأصغر يرمي البطانية
في البئر.
ذهب الأخ الأصغر إلى الشيخ ليخبره بما حدث و أنه تشارك مع أخيه
البطانية و لكن لا يعلم ماذا يفعل حتى يحصل على حليب البقرة. فقد اختار الجزء
الأمامي بينما أخذ أخوه الجزء الخلفي حيث ضرع البقرة و حليبها. أخبره الشيخ أن هذا أمر سهل و بسيط يجب عليك
حينما تُحلب البقرة أن تضربها بعصى على رأسها.
و في الصباح الباكر جهز الأخ الأصغر عصى غليظة لتنفيذ الخطة و اتجه
إلى أخيه و هو يهم بحلب البقرة,و حينما رآه أخوه الكبير قال له " عجباً ما
هذه العصى؟ هل ستقاتل أحدهم اليوم ؟" فرد عليه " سأتقاتل مع النصف
الأمامي الذي أملكه " و أخذ العصى و ضرب البقرة على رأسها ضربة قوية. لم يهتم
الأخ الأكبر و قال في نفسه دعه يضرب كما يشاء و لأحلب البقرة في الجزء الذي أملكه.
أصبح الأخ الأصغر يضرب رأس البقرة كلما أراد أخوه الكبير أن يحلبها
فتقفز البقرة و تأبى أن يتم حلبها, آخيرا استسلم الأخ الأكبر و قال " يا أخي
لا تقتل البقرة و دعنا نتقاسم الحليب". و بالفعل اتفقوا على تقاسم الحليب
قسمة عادلة.
عاد الأخ الأصغر مسرعاً إلى الشيخ يبشره بنجاح الخطة من جديد و طلب
منه أن يساعده في حل أمر النخلة و التمر الذي يستأثر به أخوه لوحده دوناً عنه.
فأجابه الشيخ أن هذا الأمر بسيط و سهل , كل ما عليه القيام به حينما يكون أخوه في
أعلى النخلة يجمع التمر و البلح أن يأتي بفأس و يبدأ في ضرب النخلة من الأسفل.
و في اليوم التالي تسلق الأخ الأكبر النخلة و بدأ في جمع البلح حينها
أسرع أخوه الأصغر و في يده فأس و بدأ في ضرب النخلة من الأسفل. استغرب الأخ الأكبر
و نظر بفزع إلى الأسفل و قال لأخيه " ماذا تفعل أيها المجنون ؟" لم يجبه
الأخ الأصغر و أكمل ضرب النخلة بالفأس , هنا فطن الأخ الأكبر إلى مقصد أخيه و قال
له و هو يصرخ عالياً " ارجوك توقف و لا تقطع بين نصيبي و نصيبك من النخلة , و
دعنا نتقاسم المبلغ الذي نتحصل عليه من بيع التمر و البلح".
بالفعل اتفق الأخوان على تقاسم الحصاد و حصل الأخ الأصغر على نصيبه من
التمر فأخذ جزءاً من نصيبه و قدمه هدية إلى الشيخ الذي ساعده على استرجاع حقه و من
ثم شكره بحرارة على نصائحه و حكمته. وعاش الأخوان بعدها في سعادة و وفاق
بعدما حصل كل منهما على حقه الشرعي و تقاسما كل شي بما يرضي الله و رسوله.