كان هناك رجل يدعى فارح (سن ويني) أو بالعربية فارح ذو الأنف
الكبير , قال فارح: كنت في يوم أكثر الناس حربا و كنت في يوم أكثرهم كرماً و كنت
في آخرأكثرهم جدالاً, و لحقني العار في كل هذه الحالات الثلاثة.
الحالة الأولى:
في يوم قررنا الإغارة على إبل إحدى القبائل فسبقتُ رجال القبيلة و
ذهبت وحدي ممتطياً الفرس وسطوت وحدي على قطيع الإبل و من ثم إقتدت القطيع لوحدي
بعدما تركت الرعاة يذهبون بسلام. و في الطريق قابلت فرسان قبيلتنا و أنا أقود
القطيع أمامي فسألني أحدهم: ورياهي هل قتلت أحداً من رجالهم؟ فقلت له: لا لم أقتل
أحداً منهم. فرد عليه الرجل " لقد جلبت العار لنا أخزاك الله, لو كنت مكانك
لما تركت منهم أحد". عادوا إلى القبيلة بالغنيمة و الجميع تحدث عن فارح و
شجاعته و لكنهم تحدثوا كذلك عن العار الذي لحقه و ضعفه في التعامل مع الخصوم. ذلك
اليوم كنت أكثر الناس شجاعة و حرباً و لكن لحقني العار.
الحالة الثانية:
و في يوم كان هناك رجل لديه الكثير من الإبل و البقر و الغنم و كان
بعصمته أربعة زوجات و لكن الله لم يرزقه بالأبناء, فطمع أقاربه بما يملك وكانوا
يخططون مع مجموعة من رجال القبيلة لقتله حتى يرث الأقارب الأموال و الزوجات. فدخلت
عليهم و هم يخططون للتخلص من هذا الرجل, فتدخلت في النقاش فقلت لبقية الرجال هم
سيكسبون الورث من قتله فما هي الفائدة التي ستجنوها من هذا الأمر؟.
فحصل لغط و خلاف بين الحضور حتى فشل المخطط , و بعد مدة وجدت الرجل
الذي أنقذته بجدالي فقال لي: إنني أعلم أنك يا فارح كنت من الذين خططوا لقتلي.
فكنت في في ذلك اليوم أكثر الناس جدالا و لكن لحقني العار.
و في يوم كنت أكثر الناس كرماً و نزل في ضيافتي ثلاثون رجلاً كنت
أخدمهم ليل نهار أحلب الناقة لهذا و أذبح الخروف لذاك. و في اليوم التالي حينما
خرجت الإبل و الغنم للرعي و ذهب الأهل لإحضار الماء و نفذت المؤنة, قدم علينا
ضيفان آخران فقلت لهم " منذ الأمس و أنا أخدم ضيوفي الثلاثين و المواشي خرجت
للرعي و الأهل ذهبوا لإحضار الماء و لا أجد شيئاً أضيفكم به الآن. فاختاروا أحد
اثنين إما أن تنتظروا تحت هذه الشجرة حتى أذهب خلف قطيع الغنم و أحضر لكم الماء أو
تذهبوا إلى جاري القريب و هو سيقوم بضيافتكم".
فرد عليه الضيفان "لا داعي أن تتعب نفسك يا فارح سنذهب إلى
جارك" , ذهب الرجلان و نشروا لدى القبيلة أنهم أتوا في ضيافة فارح فطردهم و
لم يستقبلهم. و في هذا اليوم كنت أكثر الناس كرماً و لكن لحقني العار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق