الخميس، 20 مارس 2014

رسالة زعماء الصومال إلى الشيخ سلطان القاسمي (الجزء الثالث)



رسالة زعماء الصومال

  إلى الشيخ سلطان بن صقر القاسمي  (الجزء الثالث و الآخير)




الخاتمة و تحقيق الدكتور سلطان بن محمد القاسمي:

علم الانجليز بموضوع رسالة زعماء الصومال للشيخ سلطان بن صقر القاسمي, فبحثوا عن طريقة يمنعون بها الشيخ سلطان من الوصول إلى أرض الصومال. فلما علموا بوجود التاجر الصومالي عبدالله بن عوض في مسقط , و الذي كان يبحث عن فتيات صوماليات أٌخذن من ساحل بربرة, أحضروه إلى أبوشهر, حيث قابله المقيم البريطاني في الخليج "كابتن صمويل هنل"  “Captain Samual Henell” في يناير 1838م , أخبروه بأن القواسم هم الذين قاموا بخطف الفتيات الصوماليات,و عليه أن يذهب إلى رأس الخيمة لمقابلة الشيخ سلطان بن صقر القاسمي لمطالبته بالفتيات المسروقات.

ثم أركبه سفينة متجهة إلى رأس الخيمة وصل عبدالله بن عوض إلى رأس الخيمة و قابل الشيخ سلطان, و لكنه لم يعثر على فتيات صوماليات هناك, بل أخبره الشيخ سلطان بأن الفتيات الصوماليات في مسقط. لذلك رجع إلى أبوشهر و أخبر "كابتن هنل" بذلك, لكن "كابتن هنل" ادعى بأن شخصاً يدعى خميس أحد رعايا الشيخ سلطان هو الذي قام بخطف الفتيات.

كان عبدالله بن عوض يعرف سالمين بن خميس أحد رعايا الشيخ سلطان, و الذي كان يتردد على ميناء بربرة لنقل البضائع التجارية, فرفض أن يتهمه بذلك العمل السئ. ادعى "كابتن هنل" أن عبدالله بن عوض تعرض للإهانة في رأس الخيمة, و ان الشيخ سلطان قد دفع له مبغاً مقابل سكوته, أنكر عبدالله بن عوض كل ذلك. لكن "كابتن هنل" كتب تقريراً سيئاً عن المعاملة التي لقيها عبدالله بن عوض في رأس الخيمة, و بعث به إلى حكومة بومبي. رجع عبدالله بن عوض إلى مسقط و أخذ يبحث عن الفتيات الصوماليات, فتعرف على واحدة منهن, فأحضروها إلى مقر المقيم البريطاني في مسقط , و كان المقيم البريطاني غائباً فقام وكيله المحلي نيابة عنه بإجراء المقابلة.

و هناك أخبرت الفتاة عن شخص من صور يدعى علي بن سعيد بن عيسى ربان السفينة الكويتية بأنه هو الذي أحضرهن إلى مسقط. فأربع منهن تم بيعهن بين صور و صحار , و أربع أٌخذن إلى الكويت. و قد تعرف عبدالله بن عوض على الأربع فتيات اللاتي بين صور و صحار,و تعرف كذلك على اسم مالك السفينة الكويتية و هو يعقوب بن غانم الكويتي. و عندما طلب الوكيل المحلي في مسقط من عبدالله بن عوض الانتظار حتى حضور المقيم البريطاني في مسقط, تعلل بأنه مسافر إلى أبوشهر لأن بينه و بين "كابتن هنل" اتفاقية !!.

مع أن عبدالله بن عوض الصومالي لم يتهم أتباع الشيخ سلطان بن صقر بأخذ الفتيات الصوماليات, و مع أن عبدالله بن عوض , و معه الوكيل المحلي نائباً عن المقيم البريطاني في مسقط, تعرفا على الفتيات الصوماليات إلا أن "كابتن هنل" يصرَ على اتهام الشيخ سلطان بن صقر القاسمي بذلك العمل السئ. فبادر في 17 ابريل 1838م بزيارة سلطان بن صقر القاسمي في رأس الخيمة, و قام بمطالبة الشيخ سلطان بالفتيات الصوماليات نيابة عن عبدالله بن عوض, بيَن له بلهجة قوية سخط الحكومة البريطانية عندما علمت عن مزاولة ذلك العمل السئ و السنيع من قبل الشيخ سلطان بن صقر القاسمي ورعاياه. 

أنكر الشيخ سلطان ذلك الاتهام و ذكر مؤكداً أن رعايا إمام عُمان و كذلك آخرين من الكويت هم الأشخاص المعنيون بذلك العمل, و حاول الشيخ سلطان أن يقنع "كابتن هنل" لكنه لم يقبل تلك المبررات, فقام الشيخ سلطان و أخبره "كابتن هنل" بأنه قد بعث السيد ميرزا أحد خواصه إلى زنجبار ليقوم بترتيبات مع إمام مسقط تقتضي بأنه لا يسمح لأي سفينة تغادر موانئ القواسم إلى ساحل أفريقيا دون أن تحمل تصريحاً مكتوباً خاصاً منه. و عند وصول أي سفينة تابعة للقواسم إلى أي ميناء من موانئ الإمام فأن ولاته سيعينَون مكان إقامة بحارة أي سفينة تابعة للقواسم خلال فترة تواجدها في ذلك الميناء. 

و عند رجوع كل سفينة من سفن القواسم إلى الخليج, فإن النوخذا من كل سفينة يجب أن يبرز أوراقاً ثبوتية موثقة بختم الإمام أو من ينوب عنه تثبت  أن تصرف البحارة كان سليماً و هادئاً و أنه لا أحد من جماعة القواسم كان متهماً بسرقة أو نقل الرقيق بخفية أو بقوة أو خداع. و لإعطاء "كابتن هنل" برهاناً على صدق مشاعره, ذكر بأنه قد أعطى إمام مسقط تفويضاً تاماً بالتصرف المطلق لمعاقبة كل واحد من رعاياه يكون مذنباً أو مخالفاً لذلك الاتفاق. فرد "كابتن هنل" بأن ذلك البرهان الصادق من شعوره مقنع, و بما أنه واضح أن كلاهما لديه نفس الرأي فأنه (الشيخ سلطان) ليس لديه مانع من أن يعطي موافقته لترتيبات إضافية تضع حداً للممارسات السئية التي يتذمر منها الآخرون.

عندها طلب "كابتن هنل" من الشيخ سلطان أن يوافق على إعطاء السفن الحربية البريطانية الحق بتفتيش و حجز السفن في أعالي البحار, في الحالات التي يكون فيها بحارة تلك السفن عرضة للشك بأنها قد اشتركت في خطف العبيد. و في نفس الوقت أن يوافق بإعطاء تلك السفن الحربية الحق في إقاء القبض و مصادرة السفن الضالعة في تجارة الرقيق. عندها و بدون تردد أعرب الشيخ سلطان عن موافقته, فقدم "كابتن هنل" اتفاقية كانت معدة من قبل فقرأها المترجم و وقعها الشيخ سلطان بن صقر القاسمي و ختمها بختمه.

و هكذا حال الانكليز بين الشيخ سلطان بن صقر القاسمي و وصوله إلى أرض الصومال لنجدة أهلها.

انتهت

تحقيق العبد الفقير إلى الله:

في بادئ الأمر لا شك بأن هذه الرسالة ثمينة جداً من عدة نواحي و توثق فترة تاريخية هامة, كما أشكر الدكتور سلطان بن محمد القاسمي على نشره لهذه الرسالة الجميلة و تحقيقها. فالشكر موصول له على ما بذله من جهد للبحث عن المعلومة و عرضها للقراء. 

لدي بعض الملاحظات و النقاط البسيطة عن هذه الرسالة كنت قد كتبتها قبل سنتين حينما قرأت الرسالة لأول مرة, و شد انتباهي عدة نقاط منها ما يلي:

·        الكاتب مجهول و لم يرد ذكر لمن هو , لكن يتضح من طريقة الكتابة و كمية الوعظ الوارد فيها أن كاتبها أحد شيوخ الدين ذو الصلة بسلاطيين القبائل الصومالية.
·        يبدو أن الكاتب أو الشيخ قد أرسل هذه الرسالة إما بمبادرة من تلقاء نفسه أو بمشاورة مع سلاطيين القبائل , لكن من المؤكد أنه استرسل و استخدم لهجة لا يستخدمها زعماء القبائل في طلب النجدة من طلب التملك عليهم.
·        و النقطة الأكثر استغربا هي ادعاء كاتب الرسالة بأنه سيدخل الصومال في الاسلام , و من المعروف أن الصوماليين كانوا مسلمين بأغلبية ساحقة في ذلك الوقت, و هذا الأمر يؤدي بنا إلى وضع فرضيات حول قصد الكاتب من هذا الكلام:
(1) كان الكاتب يكذب على الشيخ سلطان بن صقر القاسمي فقط لأجل كسب دعمه و مساعدته و من معه على حكم الصومال تحت مسمى نشر الدعوة و الاسلام رغم أن الصوماليين مسلمين!!.
(2) أن الشيخ الذي كتب الرسالة يحمل بذور فكر متطرف اقصائي كفكر القاعدة و الشباب حيث يعتبر المسلمين الذين لا يوافقون توجهه مسلمين حقاً سواء كانوا صوفية أو غيرهم من المذاهب الأخرى و هذا يتضح من لهجته حين وصف حكام عمان بالمرتدين الخوارج.
·        النقطة الأخيرة التي تحتاج إلى بحث باسهاب هي التساؤل عن قدرة الشيخ سلطان بن صقر القاسمي على نجدة الصوماليين و الوقوف في وجه بريطانيا العظمى التي كانت لا تغيب الشمس عن مستعمراتها؟ أما حجة المقيم البريطاني في الخليج و تلفيقه التهمة للشيخ تبدو عذراً واهياً للتخلف عن النجدة إن كانت هناك نية حقيقة للنجدة. يبقى هذا بحثاً آخر ينبغى البحث فيه على انفراد.
ما عدا هذه الملاحظات التي قد لا يتفق عليها معي الكثير , تبدو رسالة جميلة و مكتوبة بخط جميل جداً و تحمل في معناها المجمل الهدف الأسمى بطلب الوحدة الاسلامية و الوقوف سوية في وجه الاستعمار الغاشم و بريطانيا أو النقريز كما كانت تسمى قديماً و الشكر مرة أخرى للدكتور سلطان بن محمد القاسمي على نشر الرسالة و تحقيقها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق