الصفحات

الجمعة، 14 مارس 2014

الصوماليون و وقفة البجع


الصوماليون القدماء قلدوا الطيور في الوقوف على رجل واحدة

 
اليوم سأفصح  لكم عن عادة غريبة كان يمارسها أجدادنا الصوماليون في البادية, قد يراها البعض لأول مرة كما انتبهت لها مؤخراً و أنا اتصفح مجموعة صور قديمة لاجدادنا و قد يمر عليها الآخرون مرور الكرام. شد انتباهي وضعية غريبة يقف فيها أحدهم  لم أفهم المغزى من هذه الحركة لاول وهلة الا بعدما ربطت هذه الحركة بحركة مماثلة في عالم الطيور.

كما نعلم العلاقة المتداخلة بين عالم الانسان و الحيوان و الطيور و كيف ان الانسان استفاد من هذه الكائنات و قلدها في حركات خاصة بهذه الحيوانات أو الطيور. تماماً كما فعل الصينيون و الشرق آسيوين عامة في تقليد حركات الافاعي أو العقارب و غيرها من الحيوانات و الاستفادة منها في الرياضات القتالية للدفاع عن النفس.
يبدو أنه أيضا كان هناك نصيب للصوماليين في تقليد الكائنات الحية و هذه المرة مع الطيور بشكل عام  هذه الخاصية تظهر بشكل واضح في الطيور ذات الارجل الطويلة خاصة كالبجع و اللقلق و الفلامنجو حيث تثني هذه الطيور أحد رجليها باتجاه جسمها و تقف على رجل واحدة فقط. و يبدو أن الحكمة من ذلك هي لحفظ طاقة و حرارة الطير فجسم الطائر مغطى بالريش و ما عدا رجليه اللتان تبردان بسرعة لذلك سيخسر حرارة أكثر بتعريض الرجلين للهواء فيكتفى برجل واحدة فقط, كما أن هذه الوضعية مريحة للطيور و ترتاح و تنام و هي على هذا الحال.

طائر فلامنجو نائم على رجل واحدة


المثير للعجب أن الصوماليين القدماء كانوا أيضاً يتخذون نفس الوضعية لأخذ قسط من الراحة تماماً كالطيور, حيث كانوا يستخدمون أداة تشبه الحبل لتثبيت أحد الارجل للاعلى و الاتكاء على عصى لخلق نوع من التوازن. هذه العادة التي لوحظت كذلك لدى قبيلة سان في صحراء كالاهاري في جنوب افريقيا و كذلك في السكان الاصليين لاستراليا. كما أن هذه الحركة بشكل أو بآخر تعتبر من ضمن تمارين التركيز و التأمل في اليوغا و تسمى بوضع الشجرة حيث يتم رفع القدم اليمنى عن الارض بمساعدة اليد اليمنى و تثبيت كعب القدم اليمنى على الفخذ بحيث يكون اتجاه اصابع القدم للاسفل و نفس التمرين بالنسبة للقدم اليسرى مع الحفاظ على التوازن. يساعد هذا التمرين علي زيادة التوازن الجسدي، و يزيد من التركيز ويقوي عضلات الأرجل والبطن. 

و يحكى في قصص الاساطير العربية القديمة تحليل يشرح سبب استخدام الطيور و خاصة اللقلق لهذا التكنيك بالوقوف على رجل واحدة, دعونا نورد لكم الحكاية على أية حال للتسلية و إضافة منظور عربي لموضوعنا:
 يحكى يا سادة يا كرام أنه في قديم الزمان كان الناس لا يأكلون لحم الطيور، إذ لم يكن يخطر في أذهانهم أنها تصلح للأكل، ولذلك كانت الطيور لا تهرب منهم أبداً بل تتناول الطعام من أكفهم آمنة مطمئنة. وحدث ذات مرة أن تاه تاجر في غابة واسعة، ظل فيها عدة أيام من دون أن يكتشف الطريق إلى قريته، وكاد يموت جوعاً، فاصطاد ديكاً وحشياً وأكله بعد أن ذبحه ونظفه وشواه، وعندما عاد التاجر إلى قريته حدث أصحابه بما فعله، ومنذ ذلك اليوم بدأ الناس يأكلون لحم الطيور.

أفراد من قبيلة سان في صحراء كالاهاري


وانتشر الخبر في القرية والقرى المجاورة لها، وسمعت به طيور الغابة، ومن بينها اللقلق الذي خشي على نفسه، وقرر أن يخدع الانسان فأخفى إحدى رجليه تحت جناحه، وكان الناس يعرفون جيدا أن لكل طائر رجلين اثنين، فنظروا إلى اللقلق فرأوه واقفاً على رجل واحدة، فاستغربوا أمره وظنوه مخلوقاً لا يمت للطيور بصلة فلم يصطادوه ولم يأكلوه.وحدث أن مر باللقلق رجل من القرية فسمعه يغني:‏‏
  
أنا اللقلق.. أنا اللقلق‏‏
ومن يصطادني أحمق‏‏
لكل طير رجلان‏‏
ولي رجل من البان‏‏
ولحمي طعمه مر‏‏
أنا شؤم أنا شر

فتركه وذهب.. لكن صياداً ذكياً  قرر أن يراقب اللقلق، فدخل إلى الغابة واختفى تحت شجرة كبيرة، فلما تلفت اللقلق حوله ولم ير أحداً. وكان قد تعب من الوقوف على رجل واحدة، أنزل رجله الثانية، وبدأ يقوم بنزهة بين الأشجار فانقض الصياد عليه يريد الإمساك به، فأسلم ساقيه للريح وصفق بجناحيه وطار بعيداً ثم حط فوق رابية وراح يغني:‏‏ 

أنا اللقلق.. أنا اللقلق‏‏
بلون الورد والزنبق‏‏
جناحي ريشه مخمل‏‏
ولحمي طازج يؤكل‏‏ 

فأطلق الصياد طلقة من بندقيته, ولكن اللقلق كان بعيداً, فأخطأته الطلقة.‏‏ 

فيا ترى هل نستطيع اليوم أن نمارس تلك العادة القديمة عند الاجداد ؟ و هل نستطيع أصلاً أن نقف مثل تلك الوقفة و لو لدقائق بتركيز لأجل أخذ قسط من الراحة ؟ أم أن اللياقة لا تسمح بذلك ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق