الجمعة، 14 مارس 2014

رسالة زعماء الصومال إلى الشيخ سلطان القاسمي (الجزء الثاني)

في الجزء الثاني سنستعرض النص الكامل للرسالة (المخطوطة) التي وصلت إلى الشيخ سلطان بن صقر القاسمي رحمه الله من بلاد الصومال للاستنجاد به ضد الانجليز, و إليكم النص كما هو: 



(( الموصوف بأقل صفاته المعروف بوشح صفاته (1) سلطان بن صقر حرسه الله في حياته عن فضيحة و فقر و في آخرته عن السعير و سقر. و مراد الورقة السلام عليكم و ايصال اخبارنا اليكم و تذكير طاعتنا و شوقنا لديكم.

أقول لك يا امير المؤمنين متع الله بحياتك المسلمين و ايد الله بك الدين و نصر بجندك المجاهدين, فإن ملوك اهل الاسلام ضيَعوا سياسة الشريعة و ليَنوا اركانها المنيعة و نادموا سلاطين الكفار و استمدوهم على اهل الامصار حتى أنزلوا النقريز (2) في عدن سمية الجنة و اقدم مسكن احلَهم الله دار البوار و انتقم منهم بعذاب النار و ذلك من الرعب المقذوف في قلوبهم و هذا من جملة عيوبهم.

و الواجب عليك أن تهتم لاقامة الحنيفية و اظهارها و لذَب رافضيها عنها و اشهارها و نحن أهل بادية و اصحاب ماشية و لكنَنا اولوا قوة واولوا باس شديد و أصحاب جرد و مرد (3) و عدٍ عديد لكنَا ناؤن عن السَاحل لا نصله إلاَ بشق الانفس و الرَواحل لكن بحمد الله قد طلع من السَاحل نجم ثاقب و اسدٌ رابضٌ راقب لَزِم و الزَمَ التوحيد و نفى الشرك و التنديد و هو السلطان الصَالح الناصح الحاج العاقل فارح (4) سلمه الله و حيَاه و حرسه و هداه و بيَاه فصار واسطه بين الطريقين و مأوى لكلا الفريقين و قد بحث هو سلاطين المسلمين بالاستخبار وساس قوانينهم بالاعتبار فتحصَل له من مناقبك ما اسَر خواطره و حرك بشائره و اتفاقه مع محمد بن سالم بن علي (5) عليه رحمة ربه العليَ.

فَأمُرِ الناس بالمعروف و انههم عن المنكر و ذكَرهم بهول القيامة و المحشر و اطع الله و اطع الرسول اذ كل راع عن رعيته مسئول و جاهد الكفار و المنافقين و اقم الحدود على الكافرين و الزُناة و السَارقين فلا يجوز لك ان تهادن الكفًار فوق اربعة اشهر و وجب علينا اتباع الامير الموحد المجاهد الآمر النَاهي القائم المساعد و نحن معدودون من رعيَتك و مستريحون بمعيتك فساعدنا بيدك و لسانك لقوله صلى الله عليه وسلم المؤمنين يد واحدة على من سواهم و المؤمنون كالبنيان يشدُ بعضه بعضا.

و نحن محتاجون الى مدد و حتَى كلامك يكفينا اذا امرت السَواعى (6) المسافرة الينا ان يقوموا معنا و يجاهدوا في سبيل الله الحيث (7) اذا جاؤا عندنا ما يخالف احدُ من السَومال لأنهم يهابون اذا سمعوا ان السلطان بن صقر قائم بالجهاد فيهتابون و يقولون كلهم نحن من رعيته و هذه السَواعي المساعره (8) تكفينا بحول الله و قوته و ما ترى ان شاء الله الا و هم داخلون تحت طاعتك في سنة واحده و لا يضر هذا البعد الذي بيننا لانَ السَواعي مقربة تحمل الى بلد لم تكونوا بالغيه الاَ بشق الانفس كما ان سعيد بن سلطان ملك ارض السواحل كلها و هي بعيدة عنه مع انه خارجي ليس من اهل السنة و الجماعة و انت بحمد الله قلوب السَومال مشتاقة اليك لما ذكرنا لهم من اتباعك الكتاب و السنة.

فاجتهد في ضم ملك السَومال الى ملكك الاول فان المملكة سعادة لمن ادىَ حقها و شقاوة لمن جار و طغى و اثر الحياة الدنيا. فيجب عليك ان تعاوننا باليد و اللسان و يجب علينا السمع و الطاعة ان تنصروا الله ينصركم و يثبت اقدامكم و ما النصر الا من عند الله العزيز الخكيم و نحن مستنصرون (9) منك و قد قال تعالى و ان استنصروكم في الدين فعليكم النصر و قال تعالى ان تكونوا تالمون فانَهم يالمون كما تالمون و ترجون من الله ما لا يرجون و قال صلى الله عليه وسلم امرت ان اقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا اله الا الله و اني رسول الله و يقيموا الصلوَة و يؤتوا الزكوه فاذا فعلوا ذلك فقل عصموا منَي دماءهم و اموالهم الاَ بحقها و حسابهم على الله.

و قال صلى الله عليه و سلم لان يهدي الله بك رجلا واحداً خير لك من حمر النعم و قال صلى الله عليه وسلم من لم يغزُ و لم يحدث نفسه بالغزو ومات على ذلك مات على شعبة من شعب النفَاق و لقوله صلى الله عليه وسلم لغدوة او روحة في سبيل الله خير ممَا طلعت عليه الشمس و لقوله صلى الله عليه وسلم لا يجتمع غبار في سبيل الله و دخان جهنم في جوف احدكم ابداَ و الواجب عليك و على اتباعك ان يؤمنوا بالله و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الاخر و القدر خيره وشره و ان تشهدوا ان لا اله الا الله و ان محمد عبده و رسوله و تقيموا الصلوة و تؤتوا الزكوة و تصوموا رمضان و تحجوا الى البيت ان استطعتم اليه سبيلا و تعبدوا الله و لا تشركوا به شيئاً و تأمروا بالمعروف و تنهوا عن المنكر و تطيعوا الله و الرسول و تحكموا بين الناس بالحق و من لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون و الفاسقون و الظالمون.

و لا تقربوا الزنا انه كان فاحشة و ساء سبيلا و لا تقربوا مال اليتيم الا بالتي هي احسن ان الذين ياكلون اموال اليتامى انما ياكلون في بطونهم ناراً و سيصلون سعيرا و لا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق و من يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالداَ فيها و غضب الله عليه و لعنه و اعد له جهنم و ساءت مصيرا و اوفوا الكيل و الميزان و لا تبخسوا الناس اشياءهم  و يل للمطففين الذين اذا اكتالوا على الناس يستوفون و اذا كالوهم او وزنوهم يخسرون الا يظن اولئك انهم مبعوثون و اقيموا الحدود ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه و لا تعثوا في الارض مفسدين انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله و يسعون في الارض فساداَ ان يقتَلوا او يصلَبوا او تقطع ايديهم وارجلهم من خلاف او ينفوا من الارض الى اخر الايه و لا تاكلوا الربا و من عاد اليها فينتقم الله منه و الله عزيز ذو انتقام و لكم في القصاص حيوه يا اولي الالباب لعلكم تتقون. الزانية و الزاني فجلدوا كل واحد منهما ماية جلده و لا تاخذكم بهما رافة في دين الله ان كنتم تؤمنون بالله و اليوم الاخر الايه. السارق و السارقة فاقطعوا ايديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله و الله عزيز حكيم هل ادلكم على تجارة تنجيكم من عذاب الله تؤمنون بالله و رسوله و تجاهدون في سبيل الله باموالكم و انفسكم ذلكم خير لكم ان كنتم تعلمون و تعاونوا على البَر و التقوى و لا تعاونوا على الاثم و العدوان و من يؤمن بالله و رسوله فقد هدي الى صراط مستقيم و امروا اهلكم بالصلَوة و اصطبروا عليها.

فيجب عليك ان تمدنا برجال و اموال و تساعدنا بسواعى و اقوال لانك اذا امرت السواعى المساعره و الرجال المسافره ان يساعدونا بالتفافيق (10) و السُفن و يحاربون معنا على الكلاب و الكفار العُفُن فنسئلك بوجه الله الذي لا يجوز رد السائلين به ان تساعدنا و تمدنا بالاعانة الواجبة عليك لقول النَبي صلى الله عليه وسلم ان الله في عون العبد ما دام العبد في عون اخيه و يجب علينا السمع و الطاعة و على الله نصر المؤمنين فالله لا تتساهل كلامنا هذا فانه مجلب الظفر و معلم النصر و مكسب الاجر و توكلوا على الله و من يتوكل على الله فهو حسبه ان الله بالغ امره انا لننصر رسلنا و الذين امنوا كتب الله لاغلبن انا ورسلي ان الله قويَ عزيز و كان حقاً علينا نصر المؤمنين اولئك حزب الله الا ان حزب الله هم المفلحون و الغالبون كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله و الله مع الصَابرين و ما يعلم جنود ربك الا هو.

و قد نزلت في البادية البعدى الى قرى السَاحل القُربى عند الحاج الافخر و السلطان الاغر فارح حرسي و انا منتظر منك سعدة (11) الى الفتوح القابل (12) و الامر كله لله و اليه يرجع الامر كله و جيوش البادية علينا و لو تبغى ثلاثين الف خيَال لكن مالنا قوة في البحر غير الحاج فارح و لكن اصحابه و بنو اعمامه لا يقومون للحق و يحسدون عليه و اذا جاءت سواعي منكم و ذكروا انك قائم معنا يهتابون و لا يتكلمون بكلمة و لا يقدرون يخالفوننا فان لم تقدر ترسل لنا سعدة مستعدة فالله الله قل للمسافرين الجائين من ارضكم ارسلنا السلطان بن صقر لنجاهد الكفار الذين في ارض السَومال مع الحاج علي (13) و الحاج فارح فان ذلك ينفعنا نفعاً جماً و انَ لك فيه اجراً لماً فاعيوننا بقوة حتى نجاهد السَومال و ندخلهم في الاسلام و الايمان باذن الله الملك المعبود لما سمعنا فيك من الخصال الحميدة و المناقب العديدة و الفضائل السعيدة و الفواضل (14) المفيدة فاحببنا ان نكون لك عساكر مجاهدين و فوارس مساعدين و تكون لنا قائماً مقيماً لدين الله و اميراً امراً لاوامر الله و ناهياً ينهى عن المعاصي و شفيقاً برفق للدَاني و القاصي و مقيماً لحدود الله الخامدة (15) و مظهراً للشريعة الجامدة (16) و عسى الله ان يُعلي بك الدين و يدمغ (17) بحقك راية المشركين و يملكك ارض المؤمنين و يفتح بنورك اعين المسلمين و يؤمرك على جيوش المجاهدين و يضَم بسلطنتك طوائف الموحَدين و ينفعك بدعوة المسلمين المستضعفين و صَلى الله على سيدنا محمد و اله و صحبه و سلم اجمعين))

انتهت الرسالة ..


يتبع في الجزء الثالث و الآخير 

سوف نذكر في الجزء الاخير الاسباب التي منعت الشيخ سلطان بن صقر القاسمي من الاستجابة لطلب الرسالة بالنصرة حسبما ذكرها المحقق الدكتور سلطان بن محمد القاسمي. بالاضافة لتعليق على فحوى الرسالة و تحقيق مبسط حسب وجهة نظرنا المتواضعة.

-----------------------------------------------------------------------------------
الهامش:

(1) الوشح: الثوب , الصافي : التقي, و المقصود هنا: المعروف بلباس التقوى.
(2) النقريز: الانجليز.
(3) جرد و مرد: الجرد من الخيل: السَباق, المرد: الشاب طرَ شاربه و لم تنبت لحيته يقال امرد على جرد اي شبان مرد على خيول جرد.
(4) فارح حرسي: سلطان قبيلة هبرغرحجس.
(5) محمد بن سالم بن علي: زعيم احدى القبائل.
(6) السواعي: جمع سوعي, سفن معروفة في السواحل العربية.
(7) الحيث: تعنى الزمان.
(8) السواعي المساعرة: اي المشتغلة بالتجارة.
(9) استنصره: استمده و طلب نصرته.
(10)   التفافيق: جمع تفق, و هي كلمة فارسية معربة منطقة الخليج و شرق الجزيرة و اصلها فارسي تفنكـ - تعني الاسلحة النارية.
(11)   سعدة: اذا كان يقصد معاونة , فعليه ان يقول "مساعدة" و ان كان يقصد اليمن نقيض النحس فعليه قول "سعد" يقال لبيك و سعديك, اسعدك اسعاداً بعد اسعاد.
(12) القابل:  القادم القريب.
(13)  الحاج علي: لا بد  و ان يكون احد زعماء القبائل.
(14)  فواضل: فواضل المال: غلته و ارباحه.
(15)  الخامدة: النار: سكن لهبها و لم يطفأ جمرها.
(16) الجامدة: الصلبة.
(17)  دمغ الحق الباطل: ابطله و محقه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق