رقصة الحرب
حينما كان التاريخ 1918م فرض الإنجليز
الضرائب على الأشخاص و الأموال على قبائل صوماليلاند, هذا الأمر تسبب في اختلافات كبيرة في وجهات النظر بين شيوخ القبائل.
كانت أحد القبائل القاطنة في هرجيسا أول الرافضين لهذا القرار, و حينما علم
الإنجليز بموقف القبيلة أرسلوا إليهم جيشاً لقتالهم و عقابهم. و حالما عرفت
القبيلة بتحركات الإنجليز تجهزت للحرب و اجتمعت في منطقة يقال لها قوريالي (Qoryaale) و تقع إلى الشرق من بلدة بدر- وناق (badar – wanaag) .
و كانت المنطقة التي نزلوا بها منطقة
مكشوفة فحدث جدال بين أبناء القبيلة و قال بعضهم هذه منطقة مكشوفة دعونا نذهب إلى
منطقة فيها الأشجار و الغابات لأن الانجليز دولة و لديهم أسلحة ثقيلة. و قال آخرون
بل هذا جهاد و يجب أن نقابلهم في المنطقة المكشوفة و إلا قيل عنا بأننا رجال جبناء.
و كان قائدهم الحاجي عبدالله ورسمي شرماركي
المعروف ب (ورن عدي) ينشد و هو يقود الجيش باللغة الصومالية:
Jawhareed
fardawsiyo
Janadii arraxmaniyo
Xuural caynta
jidhkeeda
Nin jihad gali
waayay iyo
Fule sow kama
jeesan
و كان يحث أفراد جيشه على الجهاد و أن
يضعوا الجنة و الحور العين نصب أعينهم, و حينما اقترب الجيشان من بعضهما و لاح جيش
الانجليز من بعيد. نادى الحاجي ورن عدي شيخا (وداد) كان معهم وكان الوحيد الذي لا
يحمل سلاحا فأعطاه فأسا كان معه يستخدم لقطع الأشجار. فاستغرب الشيخ و قال و بماذا
سينفعني هذا؟ فأجابه الحاجي ورن عدي " أخشى أن يقع مني أثنء القتال , احتفظ به لعله ينفعنا".
بدأ القتال بين الجيشين و استخدم جيش
الحاجي ورن عدي كل ما يملك لمهاجمة الانجليز الذي كان يتفوق بنوعية الأسلحة, رغم ذلك
قاتل جيش الحاجي ورن عدي قتالا باسلاً واستشهد منهم ستة رجال و أسر منهم عدد آخر
بينما لحقت الانجليز بعض الخسائر.
تراجع الانجليز مع الأسرى إلى بلدة عدادلي
و أقاموا فيها الليل , اجتمع جيش الحاجي ورن عدي و اتفقوا على اللحاق بجيش
الانجليز و تحرير الأسرى مهما كلف الثمن. اقتربوا من عدادلي و أحاطوها و هنا نفذوا خطة الحاجي ورن عدي التي تتلخص في قطع
جذوع الأشجار بالفأس الذي كان مع الشيخ و اشعال النيران في جميع الاتجاهات
المحيطة بالبلدة ليعتقد الانجليز بأن هناك أعداد كبيرة من المقاتلين يحاصرونهم.
هنا قلق الانجليزحينما شاهدوا النيران و سألوا بعض الصوماليين
الذين كانوا برفقتهم ما الذي يجري و ما كل هؤلاء الناس الذين يحيطون بنا؟ فقالوا
لهم: هؤلاء هم أبناء القبائل و هم غاضبون على هجومكم على قبيلتهم و هم يحاصروننا
الآن للإنتقام.
طلب الانجليز الصلح و بعث مندوب لجيش الحاج ورن عدي الذي أصر على اطلاق سراح الاسرى و بالفعل سلموا كل الأسرى
الذين بحوزتهم خوفا من بطش المحاصرين, و لم يعلم الانجليز بأن عدد المحاصرين قليل
و لكن تم خداعهم بإشعال النيران حول
البلدة.
لم ينسى الانجليز واقعة قوريالي للحاج عبدالله
ورن عدي, و هاجموا قبيلته في برعو في زمن لاحق و استولوا على إبل القبيلة و
باعوها في سوق برعو لمصلحة الانجليز.
أما الحاج عبدالله ورن عدي فتم القبض عليه و سجنه
في جزيرة سعد الدين انتقاما منه لعصيانه الانجليز. و في الحرب العالمية الثانية
تقاتل الانجليز و الطليان في صوماليلاند و أطلق الطليان سراح الحاجي عبدالله ورسمي
شرماركي (ورن عدي) من محبسه.