الخميس، 3 أبريل 2014

الأخوان و الورث





كان يا مكان في قديم الزمان


كان هناك شابان اخوان توفي والدهما و ترك لهما ميراثاً ليتقاسماه, الميراث كان عبارة عن: بقرة و منزل و بئر و نخلة مثمرة و بطانية كبير لاتقاء البرد في الليل. كان الأخ الأصغر يذهب لرعي البقرة كل يوم لكن لم يكن يُسمح له بشرب حليبها, و كان يغسل البطانية و لكنه لا يلتحفها في المساء. و كان يسكن مع أخيه الأكبر في المنزل و يشربان  معاً من البئر , أما التمر فكان يبيعه الأخ الأكبر في السوق و لم يكن يعطي الأخ الأصغر أي نصيب من البيع. 

 و في يوم من الأيام حدث ما يلي:

الأخ الأصغر ذهب كعادته لرعي البقرة و بينما هو يرعاها إذ رأى شيخاً كبيراً معه قربتان مصنوعتان من جلد الغزال, إحداهما تحمل الماء و الأخرى الحليب. فسلم على الشيخ و تبادلا أطراف الحديث ثم سأل الشيخ أن يسقيه. ناوله الشيخ القربة التي تحمل الحليب فأخذ الشاب الصغير يشرب الحليب بنهم شديد أثار استغراب الشيخ الذي قال له " ما كل هذا النهم ؟ ألست تملك هذه البقرة السمينة الممتلئة ضرعها حليبا ً؟ ".

فأجابه الأخ الأصغر " أنا صائم عن الحليب و لا يشرب هذا الحليب إلا أخي الأكبر" و أخبره بتفاصيل قصته مع أخيه الأكبر. رد عليه الشيخ فقال له " هل تسمع مشورتي و نصيحتي؟ " فأجابه بالقبول و قال له هات ما عندك أيها الشيخ. فقال له الشيخ " إذهب و أخبر شيوخ القبيلة بما فعله أخوك ليحكموا بينكما ". و فعلا ذهب الاخ الصغير إلى شيوخ القبيلة و اخبرهم بقصته مع أخيه الأكبر, فتم عقد اجتماع للفصل بينهما و بعد سماع قصتهما. قرر الشيوخ ما يلي:

البيت لن يقسم و يجب أن يعيشا فيه سويةً , كذلك البئر هو بين الأخوين و لن يقسم. أما فيما يخص البقرة فسألوا الأخ الأصغر " هل تريد الجزء الأمامي أم الخلفي؟" فأجاب " أريد الجزء الأمامي". ثم سألوه " البطانية هل تريد أن تكون لك في الليل أم في النهار ؟" فأجاب " في النهار". ثم سألوه " هل تريد الجزء العلوي للنخلة أم الجزء السفلي ؟ " فأجاب " الجزء السفلي". استغرب الشيوخ من اختيارات الأخ الأصغر و ظنوا أنه خسر كل شي بسوء اختياراته بينما كان الأخ الأكبر فرحا بنصيبه من القسمة.

و بعد فترة من الزمن صادف أن زَارَ الأخَ الأصغر في منزله ذلك الشيخ الذي نصحه برفع أمر أخيه إلى شيوخ القبيلة و رءاه و هو يلتحف البطانية في النهار الحار و هو يتصبب عرقاً. فسأله عن أحواله فأخبره بما كان من أمر حكم الشيوخ و الاختيارات التي اختارها. فقال له الشيخ افعل الآتي " حينما تكون البطانية في حوزتك في النهار ارمها في البئر ثم سلمها لأخيك في الليل". و بالفعل في اليوم التالي حينما تسلم الأخ الأصغر البطانية رماها في البئر و في المساء أخرجها من البئر و سلمها للأخ الأكبر. 

شعر الأخ الأكبر بأن البطانية مبلولة فسأل أخاه " ما الذي بلَ البطانية ؟ "  فأجابه بأنه لا يعلم. و في اليوم التالي راقبه الأخ الأكبر و شاهده و هو يرمي البطانية في البئر فقال له " لا تفعل ذلك , لا ترمها في البئر ". فأجابه الأخ الأصغر " و ما شأنك بالبطانية الآن لم يحن بعد وقتك لإمتلاكها انتظر حتى المساء". فقال له الأخ الأكبر " أرجوك لا ترمي البطانية في البئر , البطانية لنا جميعا و سنلتحفها سوية في الليل" و منذ ذلك اليوم لم يعد الأخ الأصغر يرمي البطانية في البئر. 

ذهب الأخ الأصغر إلى الشيخ ليخبره بما حدث و أنه تشارك مع أخيه البطانية و لكن لا يعلم ماذا يفعل حتى يحصل على حليب البقرة. فقد اختار الجزء الأمامي بينما أخذ أخوه الجزء الخلفي حيث ضرع البقرة و حليبها.  أخبره الشيخ أن هذا أمر سهل و بسيط يجب عليك حينما تُحلب البقرة أن تضربها بعصى على رأسها. 

و في الصباح الباكر جهز الأخ الأصغر عصى غليظة لتنفيذ الخطة و اتجه إلى أخيه و هو يهم بحلب البقرة,و حينما رآه أخوه الكبير قال له " عجباً ما هذه العصى؟ هل ستقاتل أحدهم اليوم ؟" فرد عليه " سأتقاتل مع النصف الأمامي الذي أملكه " و أخذ العصى و ضرب البقرة على رأسها ضربة قوية. لم يهتم الأخ الأكبر و قال في نفسه دعه يضرب كما يشاء و لأحلب البقرة في الجزء الذي أملكه. 

أصبح الأخ الأصغر يضرب رأس البقرة كلما أراد أخوه الكبير أن يحلبها فتقفز البقرة و تأبى أن يتم حلبها, آخيرا استسلم الأخ الأكبر و قال " يا أخي لا تقتل البقرة و دعنا نتقاسم الحليب". و بالفعل اتفقوا على تقاسم الحليب قسمة عادلة. 

عاد الأخ الأصغر مسرعاً إلى الشيخ يبشره بنجاح الخطة من جديد و طلب منه أن يساعده في حل أمر النخلة و التمر الذي يستأثر به أخوه لوحده دوناً عنه. فأجابه الشيخ أن هذا الأمر بسيط و سهل , كل ما عليه القيام به حينما يكون أخوه في أعلى النخلة يجمع التمر و البلح أن يأتي بفأس و يبدأ في ضرب النخلة من الأسفل. 

و في اليوم التالي تسلق الأخ الأكبر النخلة و بدأ في جمع البلح حينها أسرع أخوه الأصغر و في يده فأس و بدأ في ضرب النخلة من الأسفل. استغرب الأخ الأكبر و نظر بفزع إلى الأسفل و قال لأخيه " ماذا تفعل أيها المجنون ؟" لم يجبه الأخ الأصغر و أكمل ضرب النخلة بالفأس , هنا فطن الأخ الأكبر إلى مقصد أخيه و قال له و هو يصرخ عالياً " ارجوك توقف و لا تقطع بين نصيبي و نصيبك من النخلة , و دعنا نتقاسم المبلغ الذي نتحصل عليه من بيع التمر و البلح".

بالفعل اتفق الأخوان على تقاسم الحصاد و حصل الأخ الأصغر على نصيبه من التمر فأخذ جزءاً من نصيبه و قدمه هدية إلى الشيخ الذي ساعده على استرجاع حقه و من ثم شكره بحرارة على نصائحه و حكمته. وعاش الأخوان بعدها في سعادة و وفاق بعدما حصل كل منهما على حقه الشرعي و تقاسما كل شي بما يرضي الله و رسوله.